محكمة النقض المصرية |فلات مجرم من العقاب لا يضير العدالة بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس

وسوم : - - -

الحكم

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

جلسة السبت ( و ) الموافق ١٣ من فبراير سنة ٢٠٢١

الطعن رقم ١٤٠٤٣ لسنة ٨٨ قضائية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مواد مخدرة . قبض . تفتيش ” التفتيش بغير إذن ” ” بطلان التفتيش ” . حكم تسبيبه . تسبيب معيب ” . تلبس . مأمورو الضبط القضائي ” سلطاتهم ” . دفوع ” الدفع ببطلان القبض والتفتيش ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير حالة التلبس ” . نقض ” أسباب الطعن . ما يقبل منها ” .

سلطة مأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد علي ثلاثة أشهر . القبض علي المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية علي اتهامه . جواز إصدار أمر بضبطه وإحضاره عند عدم تواجده . حقهم كذلك في تفتيش المتهم كلما جاز القبض عليه قانونا . المادتان ٣٤ و٣٥ إجراءات.

متى جاز القبض على المتهم جاز تفتيشه المادة ٤٦ إجراءات .

التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها . توافره يتيح لمأمور الضبط القضائي القبض علي المتهم الحاضر وتفتيشه .

تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . كفاية وجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة .

(٢) تلبس. قبض. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفوع “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره”. مواد مخدرة. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما يقبل منها” “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون”.

إفلات مجرم من العقاب لا يضير العدالة بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق.

المادة ٥٤ من الدستور مفادها ؟

(٣) تلبس . مأمورو الضبط القضائي ” اختصاصاتهم ” . تفتيش ” التفتيش بغير إذن ” . دفوع ” الدفع ببطلان القبض ” .

تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير. لا يكفي لقيام حالة التلبس. ما دام لم يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها .

مثال لقبض باطل لانتفاء حالة التلبس .

(٤) نقض “أسباب الطعن . ما يقبل منها”. حكم “تسبيبه . تسبيب معيب”. بطلان . تفتيش . إثبات “بوجه عام” .إثبات “شهود” . مصادرة.

بطلان التفتيش . مقتضاه : عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه أو شهادة من أجراه . مخالفة الحكم هذا النظر وخلو الأوراق من دليل آخر . أثره ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائــــــــــــــــــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن – وآخر سبق الحكم عليه – فى القضية رقم …. لسنة ٢٠١٧ جنايات قسم المطرية والمقيدة برقم …. لسنة ٢٠١٧ كلى شرق القاهرة، بأنهما فى يوم ٣ من إبريل سنة ٢٠١٧ بدائرة قسم المطرية ـــ محافظة القاهرة:

أولاً: أحرزا بقصد الاتجار جوهر (الحشيش) المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً.

ثانياً: أحرزا بغير ترخيص سلاحاً أبيض (سكين) على النحو المبين بالأوراق.

وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى ١١ من مارس سنة ٢٠١٧ وعملاً بالمادتين ٣٠٤/٢، ٣١٣ من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد ١، ٢، ٧/١، ٣٤/ بند أ، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل، والبند رقم ٥٦ من القسم الثانى من الجدول رقم ١ الملحق، والمواد ١/١، ٢٥ مكرر/١، ٣٠/١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل، والبند رقم ٦ من الجدول رقم ٣ الملحق مع إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات. بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما أُسند إليه ومصادرة المضبوطات.

فقرر المحكوم عليه الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى ١١ من إبريل سنة ٢٠١٨، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى ٦ من مايو سنة ٢٠١٨ موقعاً عليها من المحامى/ ….

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـــــــــــــــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً :

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم الطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى إحراز جوهراً مخدر حشيش بقصد الاتجار وسلاح أبيض بدون مسوغ قانونى، قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أنه اطرح دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يسوغه بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله: “…. أنه حال مرور الرائد/ …. معاون مباحث قسم شرطة المطرية بدائرة القسم لتفقد الحالة الأمنية تلقى معلومة تفيد اتجار المتهم …. وآخر سبق الحكم عليه بجوهر الحشيش المخدر فقصد محل تواجدهما وأبصرهما يستقلا سيارة خاصة تحمل لوحات معدنية أرقام …. يستخدماها فى تجارتهما المؤثمة فأنقد مصدره السرى عملة نقدية فئة ٢٠٠ جنيهاً ميزها لابتياع مخدر من المتهمين فذهب عقب تجريده من كافة متعلقاته وعاد بقطعة لجوهر الحشيش المخدر فتوجه إليهما وبضبطهما وتفتيشهما عثر مع المتهم على عدد ٣ قطع لذات الجوهر المخدر أحرزهم جميعا بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً وسلاح أبيض “سكين” أحرزه بدون مسوغ قانونى”. وحصل أقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى ما أورده فى معرض سرده لواقعة الدعوى ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله: “…. وكان من المقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون فالتلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ولتوافرها استوجب الشارع أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة سواء بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه ولا يغنيه عن ذلك أن يتلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحى آثار الجريمة والشواهد التى تدل عليها والقول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، ولما كان شاهد الإثبات قد أيقن إحراز المتهم الجوهر المخدر عقب إجراء مصدره السرى محاولة الشراء على نحو ما سلف وقام بضبطه عقب توافر حالة التلبس بالجريمة والتى أدركه بحاسة البصر الأمر التى تتوافر معه حالة التلبس بجريمة فى حق المتهم مما يبيح لشاهد الإثبات إلقاء القبض عليه وتفتيشه ذلك التفتيش الذى أسفر عن ضبط باقى الجوهر المخدر، ولما كان الضبط قد وقع صحيحاً فتأخذ المحكمة بكل دليل يسفر عنه التفتيش اللاحق عليه، ويضحى ما يثيره الدفاع فى هذا الصدد غير سديد متعيناً رفضه”. لما كان ذلك، وكانت المادتين ٣٤ ، ٣٥ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٧٢ المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه فإذا لم يكن حاضراً أجاز للمأمور إصدار أمراً بضبطه وإحضاره كما خولته المادة ٤٦ من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً، وكان من المقرر قانوناً أن التلبس صفه تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة وأنه ولئن كان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإفتات على حريات الناس والقبض عليهم بغير وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات باعتبارها أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان بما نص عليه فى المادة ٥٤ منه من أن “الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق ….” لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة – كما حصلها الحكم المطعون فيه فى مدوناته التى سلف بيانها – لا تنبئ عن أن جريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر التى دين الطاعن بها كانت فى حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر فى المادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقى مأمور الضبط القضائى نبأ الجريمة من الغير لا يكفى لقيام حالة التلبس مادام لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن مأمور الضبط القضائى لم يشاهد عملية البيع والشراء بين المصدر السرى والطاعن ولم تكن تحت بصره، وما أورده الحكم بمدوناته لا ينبئ بذاته عن إدراك الضابط بطريقة يقينية على ارتكاب هذه الجريمة، وهو ما لا يوفر حالة التلبس. لما كان ذلك، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع فى غير حالة تلبس بالجريمة ومن ثم فإن ما دفع به فى حقه هو قبض باطل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضاءه على صحة هذا الإجراء فإنه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه وكان بطلان القبض مقتضاه قانوناً عدم التعويل فى الحكم بالإدانة على أى دليل مستمد منه وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ومصادرة المخدر والسلاح الأبيض المضبوطين عملاً بالمادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل. والمادة ٣٠ من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل.

فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب

 حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أُسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط .